صراع الحوارات

في احدى الأمسيات الثقافية، أدلى أحد المشاركين بدلوه في الموضوع، فردّ عليه آخر: مع احترامي لك، لكن هذه الفكرة التي طرحتها غبية جداً!. وفي أحد اجتماعات العمل تناقش الزملاء حين عرض أحدهم وجهة نظره وإذا بزميل له يقول أمام الجميع : طرحك هذا سطحي ولا يخدم أهداف المشروع!. وأذكر حين كنت على مقاعد الدراسة كيف أجاب الأستاذ الجامعي على مداخلة أستاذ آخر في ندوة حضرها أكثر من مئة طالب بقوله: أستغرب بشكل كبير أن يصدر هذا الرأي الساذج من أستاذ صاحب خبرة مثلك.

أساليب النقاش ضيّقة النفـَس تجرح وتحرج، وهي تتكرر في الندوات والحوارات والاجتماعات والمداخلات، محوّلة ساحة الحوار إلى حلبة من التراشق الكلامي بعيدا عن الهدف والمضمون. وبدل أن نتوجه بالنقد البناء إلى الرأي الذي يفترض أن يخضع للمقارعة الموضوعية ، ترانا نقذف صاحب الرأي بالجهالة والاستخفاف بما يحمل معنى: ''أنت لا تفهم'' . وكيف لا؟ ونحن أهل المجادلة وإفحام المتكلم بأي ثمن.

من حقك وحق أي إنسان أن يقبل أي فكرة أو يرفضها، لكن على الاختلاف أن يتم بشكل أنيق ويخضع لمعايير موضوعية. وحتى يضمن المحاور أن يكسب النقاش لصالحه عليه أن يستخدم لغة أكثر انضباطاً وإيجابية تشعر الآخرين باحترامه لآرائهم، فبدل أن يقول ''أستغرب أن يصدر عنك هذا الرأي'' ، يستطيع أن يدير الدفة لصالحه بقوله: رأيك صحيح وصادر عن خبرة وأحترمه وقد يكون جيداً أن نضيف له جوانب أخرى مثل كذا وكذا .

صدام الحِوارات شرّ مستشرٍ في مؤسساتنا وجامعتنا ومدارسنا وتلفزيوناتنا وفي المنزل والشارع. نحن بحاجة ماسة إلى تغيير لغة التخاطب والحوار، فبدل أن نهتم بما يقال نلتفّ على من قال!.

ميرسى على الموضوع يا قمر